حذّر تحقيق صحفي أجرته مجلة (Jacobin) الأمريكية من تعرض الأهوار العراقية للنفاد والدمار بسبب ما وصفتها بسوء الإدارة البيئية وعدم وجود الموارد المائية البديلة لتغذيتها، مبينة بأن ثقافة عمرها (5 آلاف عام) على وشك الاندثار.
وقالت المجلة في تحقيقها الذي ترجمه (كلمة) الإخباري: إن "الأهوار العراقية في المناطق الجنوبية التي تمثل مهد الحضارة الإنسانية تواجه اليوم الدمار؛ بسبب سوء الإدارة البيئية".
وتابعت بأن هذه الأراضي الرطبة "كانت ذات يوم من بين أكثر المناظر الطبيعية تميزاً في العالم، حيث كانت تغذي ثقافة قديمة بقيت على قيد الحياة هنا لآلاف السنين"، مبينة بأن "استمرار الوضع كما هو عليه دون حلول عاجلة سيؤدي إلى اندثار حضارة عمرها أكثر من (5 آلاف سنة)".
وذكر التحقيق بأنّ "الأهوار العراقية تعرضت للتهميش والتدمير بسبب الحروب التي مرّت على العراق وإقدام النظام البعثي على تجفيفها، مما اُعتبر تدميراً متعمداً وكاملاً لها".
وأشار إلى أنه "على الرغم من الجهود التي بُذلت لإعادة تأهيلها والحفاظ عليها، ولكن كارثة بيئية غير مسبوقة تهدد المنطقة الآن. فقد أدى تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة، في حين أدت السدود المقامة أعلى النهر إلى تقليص تدفق المياه إلى العراق بشكل كبير، الأمر الذي ترك سكان الأهوار يواجهون واقعاً قاسياً ومتغيراً".
وأوضح التحقيق بأن "التوازن الدقيق الذي تتسم به الأهوار جعلها شديدة التأثر بتقلبات سنوات الجفاف والأمطار"، مضيفة بأن "ما بين (100 ألف – 200 ألف) من سكان الأهوار نزحوا داخلياً وهاجر كثيرون منهم إلى وسط البلاد مثل الحلة وسامراء والفلوجة وبلد وكربلاء".
ونقل التحقيق عن أحد الناشطين البيئيين وهو جاسم الأسدي قوله: إن "معظم الجاموس قد نفق في الأهوار، وبيعت تلك التي بقيت على قيد الحياة".
وأضاف بأن "موجات الجفاف المتكررة والممتدة بسبب تغير المناخ أحدثت دماراً كبيراً في الأهوار؛ فقد حدثت أربع موجات جفاف كبرى منذ عام 2009، وكانت شدتها أكبر من السنوات الماضية. ويستمر تواتر الجفاف في المنطقة في التزايد ويشكل تهديدًا وجوديًا للنظام البيئي".
وأشار الأسدي إلى أن "الانخفاض الحاد في كميات المياه بسبب السدود المقامة في تركيا وسوريا وإيران أدت إلى تكثيف تأثيرات موجات الجفاف التي امتدت إلى ما هو أبعد من الأهوار لتشمل كامل المنطقة الجنوبية من العراق"، مبيناً أن "شبكات السدود الواسعة التي أقامتها تركيا على نهري دجلة والفرات أدت إلى خفض حصة العراق من المياه بنسبة 60%، في حين قامت إيران المجاورة بتحويل روافد وأنهار أخرى. كما يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في زيادة تبخر المياه، الأمر الذي يساهم في استنزافها".