منذ العام (2006) وحتى تجدّد الضربات الإسرائيلية على لبنان في العام الحالي، طوّر حزب الله إمكانياته العسكرية على مدى هذه السنوات، حيث كانت قياداته تشعر في قرارة نفسها أنّ إسرائيلَ لن تلتزم بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (1701) الذي صدر بتاريخ (11 آب 2006).
آنذاك وافقت الحكومة اللبنانية على هذا القرار بالإجماع، وصرّح أمين حزب الله السيّد حسن نصر الله بتاريخ الـ (12 آب) أن "قواته ستحترم وقف إطلاق النار، وفور إيقاف إسرائيل لعملياتها الهجومية".
ولكنّ توقّعات الحزب حينها حول عدم التزام إسرائيل بقرار مجلس الأمن كانت في محلّها، إذ وجّهت ضربات متكرّرة بين فترة وأخرى باتجاه لبنان، وهو ما جعل الاستعداد يكون على مستوىً عالٍ من الحذر والدقّة، وبتكتيك استراتيجي بعيد المدى.
عمد حزب الله إلى زيادة قدراته التسليحية بشكل كبير، وأصبح يمتلك ما يقرب من (200 ألف ذخيرة) بين (صواريخ باليستية موجهة قصيرة المدى و(صواريخ باليستية غير موجّهة قصيرة ومتوسطة المدى، و(صواريخ غير موجّهة قصيرة وطويلة المدى).
كما نجح حزب الله بتطوير الأنفاق ومخابئ الأسلحة ومهابط الطائرات والمنشآت العسكرية، وذلك تحسّباً لأي عدوان يوجه إلى بلاده. وهو ما حصل فعلاً بشكل كبير ما بعد أحداث طوفان الأقصى وفرض الحصار على قطاع غزّة الفلسطيني. ومن ثم استهداف مناطق الجنوب اللبناني.
وتأتي مثل هذه الاستراتيجية العسكرية التي اتخذها حزب الله لمعطيات عديدة سبقت الأحداث الجارية في البلاد، حيث لم تنسحب إسرائيل بشكل كامل من (الجزء الشمالي) للبنان وتحديداً من قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وعمدت إلى انتهاك الحدود الجوية والبحرية اللبنانية لمرّات عديدة.
واليوم، يُعاد التذكير مرّة أخرى بقرار مجلس الأمن الدولي الـ (1701)، حيث أكّد الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي، قبل يومين، على ضرورة تنفيذ هذا القرار، لوقف "العدوان الإسرائيلي على لبنان" كما دوّن ذلك على منصّة (أكس) عقب لقائه بكبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، علي ريجاني.
ووفقاً لما أفادته وكالة الأنباء اللبنانية وتابعه (كلمة)، أكّد ميقاتي خلال لقائه بلاريجاني "على ضرورة دعم موقف الدولة اللبنانية في تطبيق القرار الدولي 1701"، مشدداً على "أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية".
فيما أكّد لاريجاني وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية "دعم إيران لقرارات الحكومة اللبنانية، وخاصة القرار (1701)".
ورغم مطالبات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإيقاف الحرب المدمّرة على لبنان، إلا أن إسرائيلَ تواصل هجماتها على المدنيين في البلاد، فيما تمتنع عن تنفيذ قرار (1701) إلا بوجود إشراف أمريكي، وهو ما رفضته الحكومة اللبنانية.
وتقول مصادر لبنانية لـ (إذاعة مونت كارلو الدولية): إن "نقطة الخلاف التي تمنع الاتفاق حالياً هي آلية الرقابة لتنفيذ القرار"، حيث تريدها إسرائيل بإشراف أمريكي، ويريد لبنان إبقاءها بيد قوّات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل).
ونتيجة لقرار لبنان هذا، ضغطت إسرائيل على (اليونيفيل) ووجّهت مدفعيتها باتجاه فريقها في لبنان، حيث أعلنت حكومة نتنياهو مراراً "اعتراضها على دور اليونيفيل" وحاولت أكثر من مرّة الضغط عليها عسكرياً وأمنياً.
واتهمت اليونيفيل إسرائيل بأنّها من خلال استهدافها المستمرّ لهم، إنما "تحاول تغيير طبيعة مهامها، من كونها قوات لحفظ السلام إلى ما يمكن اعتباره قوّة ذات مهام عسكرية تنفيذية بالطبع لضمان الأمن الإسرائيلي". كما يذهب إلى ذلك مراقبون ومحللون سياسيون.
وتحاولُ إسرائيل في الوقت الحالي وبظل استمرار هجماتها وغاراتها الجوية على لبنان، إلى إجراء تطوير للقرار، دون إلغائه، وهو ما يعني تعريض المزيد من المدنيين للموت والدمار. كما يقول مراقبون.