الأربعاء 13 جمادى الأول 1447هـ 5 نوفمبر 2025
موقع كلمة الإخباري
مستقبل علاقة الحكومة الاتحادية بـإقليم كردستان العراق
د.سعدي الابراهيم
تنقسم الدول في العالم الى دول فيدرالية، واخرى مركزية، لكن اذا ما اردنا ان نقيس اي الدول اقوى واكثر استقرارا، فسنجد بأن الدول الفيدرالية هي النموذج الاكثر نجاحا. والامثلة كثيرة على ذلك، ولعل ابرزها الولايات المتحدة الامريكية، وسويسرا ، وغيرها.
لكن هذه النماذج الناجحة لا تعني بأن كل الدول الفيدرالية مستقرة، كون النظام الفيدرالي مثل غيره من الانظمة يحتاج الى ثقافة ودرجة عالية من الوعي الشعبي والسياسي، والا فأن نتائجه قد تكون عكسية . وخير دليل على ذلك هو التجربة الفيدرالية في العراق، فبالرغم ان اقليم كردستان العراق يتمتع بصلاحيات وامتيازات واسعة، قلما يتمتع بها غيره . الا ان العراق لم يستقر، وعلاقة الاقليم بالحكومة الاتحادية هي الاخرى لم تسر بصورة صحيحة، بل انها بقيت تراوح في مكانها، بين المد والجزر، بين القطيعة والتواصل. وقد بلغت اخطر مراحلها لما قام الساسة في الاقليم بتنظيم استفتاء للانفصال عن العراق في سبيل تأسيس دولتهم القومية المستقلة، لكن الحكومة الاتحادية كانت اكثر ذكاء، اذ تمكنت من اجهاض نتائج الاستفتاء، واستخدمته ورقة للضغط على حكومة الاقليم من اجل اجبارها على العودة الى الدستور والى الصلاحيات التي اقرها لها ، فضلا عن تمكنها من فرض السيطرة على المناطق المتنازع عليها التي كان الاقليم قد ضمها اليه، في ظروف معينة.
ولكن وبالرغم من ان العلاقة ما بين الاقليم والمركز قد رست الى الوضع الحالي، اي بفرض ارادة المركز على حكومة الاقليم، وهو الوضع الصحيح الذي يقره الدستور، واعراف النظام الفيدرالي، الا ان المستقبل يبقى غير مضمون، ومن الممكن ان يعود التوتر بين الطرفين من جديد، ما لم يتم الاخذ بعدة نقاط ، من شأنها ان تثبت الاوضاع، وان تجعل من الاستقرار اطول عمرا، ومن هذه النقاط ، الاتي:
•عدم تصعيد المواقف:
فلا يوجد غالب ولا مغلوب في التشنجات والتوترات المستمرة ما بين الحكومة الاتحادية والاقليم، بل ان الشعب العراقي بأسره يدفع ثمن ذلك، سواء اكانوا سكانا في الاقليم أم في بقية المحافظات، لذلك لابد ان يكون القادة في الاقليم والحكومة الاتحادية على درجة عالية من النضج والعقلانية، حرصا على مصلحة الشعب العامة.
•الرجوع الى الدستور:
الدساتير في كل دول العالم، هي السكة التي تسير عليها البلاد، وبالتالي فلا يمكن لأي دولة ان تستقر اذا ما خرج الحاكمون والمحكومون فيها عن سكة الدستور. بمعنى ان الاقليم ينبغي ان يكف عن أي تطلعات خارج ما اقر له دستوريا ، وكذلك الحال مع الحكومة الاتحادية، فهي الاخرى ينبغي ان تحرص كل الحرص على تطبيق الدستور.
اذن، يبقى المستقبل بين الاقليم وبغداد غير مضمون ما لم يتخذ الطرفان خطوات اخرى تدعم الاستقرار.
التعليقات