قال ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، يوم الاثنين، إن الصراع الجاري في فلسطين يمتحن ضمير الإنسانية، كما أن علينا أن نفعّل عقولنا وقلوبنا وضمائرنا، ونستمع إلى صوت غزة بوعي كامل لا بآذاننا فقط.
جاء ذلك خلال استقباله الوفود المشاركة في مؤتمر نداء الأقصى الدولي الرابع، الذي يقام برعاية العتبة الحسينية في كربلاء.
وقال الشيخ الكربلائي: إن "هناك من ينادينا الآن من غزة ومن الأقصى، يستصرخ ضمير الأمة كلها، خصوصاً أولئك الذين تقع على عاتقهم المسؤولية الدينية والإنسانية".
وأضاف "قد يتوهم البعض أن الصراع محدود في جغرافيا غزة أو الضفة الغربية، لكنه في الحقيقة أوسع بكثير؛ لأنه صراع بين نهجين، نهج إنساني وسماوي يدافع عن القيم والحقوق والمظلومين، ونهج آخر يمثل الاستكبار والظلم والتوحش".
وأشار إلى أن "هذا الصراع ليس شأناً فلسطينياً بحتاً؛ بل يمتد إلى كل أرض تتطلع للكرامة والعدالة، وكل إنسان يحمل في قلبه معنى للحق والمبدأ"، مشدداً على أننا "جميعاً معنيون بهذا الصراع، ولسنا بمنأى عنه، وسنسأل أمام الله عز وجل يوم القيامة (ماذا قدمنا)؟".
ولفت الكربلائي إلى أن "معيار النصر ليس أن يقتل أكثر أو أن يدمر أكثر، بل النصر الحقيقي هو في الصبر والثبات على المبادئ، بأن يقدم الإنسان التضحيات، لكنه لا يتراجع ولا يخضع ولا يستسلم".
وزاد بأنه "ما دام هناك من يصمد ويواصل الطريق رغم المعاناة، ويقدم نفسه وعائلته من أجل الحق، فذلك هو المنتصر، حيث ليست القضية في عدد الشهداء أو البيوت المهدّمة، بل في القدرة على الثبات والوفاء للقيم حتى آخر لحظة".
ونوه إلى أن "البعض يظن أن هذا الصراع لا يعنيه، أو أنه خارج اهتماماته اليومية، وهذا خطأ جسيم؛ لأن هذا الصراع وإن كان الآن يدور في غزة والقدس، لكنه يحمل في طياته تهديداً مباشراً لقيمنا ومستقبل أجيالنا، فما يحدث هناك من تجويع وقتل وتشريد هو اعتداء على مبادئنا نحن أيضاً".
وأكد ممثل المرجعية بأن "أقل الواجبات أن يكون لنا موقف، وأن نرفع الصوت، وأن نوعي شعوبنا، وأن نتحرك في المحافل الدولية، وأن نحمل مسؤوليتنا الأخلاقية والشرعية تجاه هذه القضية العادلة".
وتابع القول: "ربما تكون الإمكانيات المادية ضعيفة، وربما لا نستطيع تقديم الدعم العسكري أو الميداني، لكن علينا أن نترجم إيماننا بالله وبالحق من خلال الموقف، والكلمة، والدعاء، والوعي، والتحرك".
وختم الشيخ الكربلائي حديثه القول: "علينا أن نرفع راية (هيهات منا الذلة) عالياً، فهذا الشعار الذي اختاره شعب غزة، والذي تجسده المرأة والرجل والطفل حين يصرخون في وجه الموت (حسبنا الله ونعم الوكيل)"، مبيناً أن "ما نراه من صمود وثبات وتضحيات في غزة هو نصر إلهي، يجب أن نواكبه ونعضده بما نستطيع، حتى بالكلمة، حتى بالدعاء، حتى بالتوعية؛ لأن النصر لا يقاس فقط بالسلاح، بل بالإرادة والكرامة والصدق مع الله".
المحرر: سراج علي