قوة عسكرية تحت مسمى "القوات الشعبية" بقيادة ياسر أبو شباب، هي واحدة من أبرز المجموعات المسلحة المثيرة للجدل التي ظهرت في جنوب قطاع غزة خلال الصراع الحالي. تشير الأدلة المتاحة إلى أن هذه الجماعة تعمل كقوة بديلة لحماس بدعم إسرائيلي مؤكد، مما يثير تساؤلات جوهرية حول طبيعة دورها ومستقبلها في المشهد السياسي الفلسطيني.
من هو ياسر أبو شباب وجماعته؟
ياسر أبو شباب (مواليد 19 ديسمبر 1993) هو فلسطيني من مدينة رفح ينتمي لقبيلة الترابين البدوية، إحدى أكبر القبائل في غزة التي تمتد شبكاتها عبر جنوب غزة وسيناء المصرية وصحراء النقب والأردن والسعودية. تأسست جماعته المعروفة باسم "القوات الشعبية" في أواخر عام 2023 بعد هروبه من سجن حماس خلال الغارات الإسرائيلية المبكرة على مقار الأمن التابعة للحركة.
قبل الحرب، كان أبو شباب مسجوناً لدى حماس بتهم تشمل تهريب المخدرات والسجائر والسرقة. استغل الفراغ الأمني الناتج عن انسحاب حماس من جنوب غزة لتشكيل مجموعة مسلحة تضم حوالي 100-300 مقاتل، معظمهم من ضباط أجهزة الأمن الفلسطينية السابقين في رام الله وأعضاء من عشيرة الترابين.
أبو شباب، البالغ من العمر 32 عاماً، ترك المدرسة في سن مبكرة وانخرط في أنشطة إجرامية شملت تهريب الحشيش والمواد المخدرة من مصر وإسرائيل إلى غزة عبر الأنفاق والمعابر. يتمتع بخلفية في عمليات التهريب وشبكات العلاقات القبلية، مما ساعده على بناء قاعدة عملياتية سريعة بعد الهروب من السجن.
يظهر من خلال قدرته على استغلال الفوضى لصالحه، حيث حول نفسه من مجرم عادي إلى قائد مجموعة مسلحة بدعم خارجي. يقدم نفسه إعلامياً كـ"حل محلي لأزمة محلية" ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة احترافية، مما يشير إلى دعم خارجي لعملياته الإعلامية.
تبرأت عائلته منه علناً في أواخر 2024، مصرحة أنها "لا تمانع في أن يقوم من حوله بتصفيته فوراً" بسبب تعاونه مع إسرائيل. كما تبرأت قبيلة الترابين منه رسمياً لنفس الأسباب.
دور المجموعة في غزة
تسيطر مجموعة أبو شباب على شرق رفح وتحديداً المناطق القريبة من معبر كرم أبو سالم، حيث تلعب دوراً مثيراً للجدل في:
حيث تتحكم المجموعة في طرق دخول المساعدات من معبر كرم أبو سالم، وتُتهم بسرقة منهجية للقوافل. في نوفمبر 2024، نهبت 98 شاحنة من أصل 109 من قافلة أممية واحدة، وفقاً لتقارير صحفية مترجمة.
تحاول هذه المجموع أيضاً تقديم خدمات أساسية كالأمن والغذاء والمأوى في المناطق التي تسيطر عليها، وتدعو المدنيين للعودة إلى شرق رفح تحت حمايتها.
كما خاضت المجموعة اشتباكات مباشرة مع حماس، وتدعي قتل خمسة من مقاتلي الحركة في عمليات كمائن.
ما علاقتها بإسرائيل؟
في 5 يونيو 2025، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسمياً أن إسرائيل تقوم بتسليح جماعة أبو شباب عبر جهاز الشاباك. تشمل المساعدة الإسرائيلية:
- توفير بنادق كلاشنيكوف وأسلحة أخرى، بعضها مُصادر من مخازن حماس
- السماح بالعمل الحر في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية
- الحماية العملياتية من الغارات الجوية الإسرائيلية
- التنسيق التكتيكي في عمليات تأمين قوافل المساعدات
تصف إسرائيل هذه الاستراتيجية كجزء من جهود "إنشاء هياكل حكم بديلة تتحدى احتكار حماس للسلطة" وتقليل خسائر الجيش الإسرائيلي من خلال قوات بديلة.
عمليات نفذتها مجموعة أبو شباب
نهب قوافل المساعدات (نوفمبر 2024): العملية الأبرز كانت نهب 98 شاحنة مساعدات أممية بالقنابل اليدوية وتحت تهديد السلاح، والتي وصفتها الأونروا بأنها "واحدة من أسوأ" حوادث نهب المساعدات.
السيطرة على الأراضي: استولت على قصر جريجون في وسط رفح كمقر عمليات، والمثير للاهتمام أن هذا الموقع لم يتعرض للقصف الإسرائيلي.
الاغتيالات والمواجهات: نجا أبو شباب من محاولة اغتيال في المستشفى الأوروبي بخان يونس في نوفمبر 2024، بينما قُتل اثنان من مساعديه.
قتل السائقين: قتلت الجماعة أربعة سائقي شاحنات منذ مايو 2024، آخرهم في 15 أكتوبر.
موقف الفصائل الفلسطينية
حماس - عداء مفتوح: تعتبر حماس جماعة أبو شباب تهديداً أساسياً وأذنت لكتائب القسام رسمياً بتنفيذ اغتيالات ضد عناصرها. أعدمت حماس أحد كبار مساعدي أبو شباب في يناير 2025، وقتلت حوالي 20 من مقاتليه في نوفمبر 2024.
السلطة الفلسطينية - علاقة معقدة: يدعي أبو شباب العمل "تحت الشرعية الفلسطينية" في إشارة للسلطة الفلسطينية، ويزعم أن عملياته "منسقة مع قيادة السلطة"، لكن المسؤولين في السلطة أنكروا وجود علاقات مباشرة. تشير بعض المصادر إلى أن أجهزة مخابرات السلطة تحتفظ بعلاقات عمل مع الجماعة.
الفصائل الأخرى: لا توجد علاقات موثقة مع الجهاد الإسلامي أو فصائل فلسطينية أخرى، حيث تواجه الجماعة عزلة سياسية واسعة.
التنظيم ومصادر التمويل والتسليح
البنية التنظيمية تضم:
- القيادة: ياسر أبو شباب كقائد أساسي وغسان الدحيني كعضو كبير مكلف بالتجنيد
- التركيبة: 50 مقاتلاً جندهم أبو شباب شخصياً، و250 مقاتلاً مزعوماً تجنيدهم عبر أجهزة مخابرات السلطة الفلسطينية
- التسليح: بنادق كلاشنيكوف من المصادر الإسرائيلية، ومعدات تكتيكية شاملة
مصادر التمويل:
- الدعم الإسرائيلي المباشر عبر الأسلحة والمعدات
- إيرادات نهب المساعدات والسيطرة على طرق التجارة
- رسوم العبور: تطالب بـ5000 دولار كـ"رسوم عبور" من سائقي الشاحنات
- التعاون مع منظمة غزة الإنسانية المدعومة أمريكياً في تأمين القوافل
الانتشار الجغرافي يركز على شرق رفح وأجزاء من خان يونس تحت السيطرة الإسرائيلية، مع سيطرة على مساحة 1.5 كيلومتر حول معبر كرم أبو سالم.
يمكن القول إن مجموعة ياسر أبو شباب تمثل ظاهرة معقدة في المشهد السياسي الفلسطيني، حيث تجمع بين الانتهازية الفردية والاستراتيجيات الجيوسياسية الأوسع. رغم ادعاءاتها الوطنية والإنسانية، تواجه المجموعة إجماعاً فلسطينياً ودولياً على رفضها بسبب تعاونها المؤكد مع إسرائيل وتورطها في نهب المساعدات الإنسانية.
استدامة المجموعة تعتمد بالكامل على الدعم الإسرائيلي المستمر والحفاظ على ديناميكيات القوة الحالية في غزة، مما يجعل قابليتها للبقاء طويل الأمد موضع تساؤل. كما أن عزلتها السياسية والاجتماعية الواسعة، بما في ذلك تبرؤ عائلتها وقبيلتها منها، تُضعف من شرعيتها المحلية بشكل كبير.
تُظهر هذه الحالة كيف يمكن للصراعات أن تخلق مساحات لفاعلين غير تقليديين للحصول على تأثير سياسي وعسكري، لكنها تثير أيضاً أسئلة جوهرية حول التداعيات طويلة الأمد لدعم مثل هذه الجماعات في سعي لتحقيق أهداف استراتيجية قصيرة الأمد.