الخميس 22 رَجب 1446هـ 23 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
المخدّرات من الزحف إلى الانتشار.. كيف يواجه العراق هذا الخطر؟
بغداد ـ كلمة الإخباري | تقرير: رواد علي
2024 / 11 / 26
0

قبل (12 عاماً) حذّرت المرجعية الدينية العليا في النجف على لسان ممثلها في كربلاء السيد أحمد الصافي، مما أسمته بـ "خطر زحف المخدرات نحو الشباب العراقي"، وأكدت بأن انتشارها في أي بلد سيحوله إلى خراب ويفقد المجتمع قيمه الأصيلة والثابتة".

وتتجدّد مثل هذه التحذيرات في كلّ مرة، إلا أن الواقع يشير إلى حدوث كارثة كبيرة تهدد الشباب والمراهقين، وتؤدي إلى عواقب وخيمة، في حال لم يتم وضع المعالجات الصحيحة والناجعة.

واعتبر السيد الصافي في خطبة الجمعة من الصحن الحسيني بتاريخ (12 آب 2012)، أنّ "مشاكل البطالة المنتشرة، وعدم تربية الأسر لأبنائهم، والكسب السريع من خلال الاتجار بهذه الآفة، وعدم وجود رادع حكومي للمتاجرين بها" هي ما تؤدي إلى "المزيد من الفوضى والدمار الذي يلحق بالبلد".

من جهتهم، يرى باحثون اجتماعيون أن "ظاهرة المخدرات أصبحت مستفحلة في البلد؛ ومن الصعب جداً السيطرة عليها دون وضع الخطط الحقيقية والبرامج الحكومية، فضلاً عن الضرب بيد من حديد على رأس المتاجرين بأرواح ومستقبل الشباب مقابل جني المال".

وشدّد هؤلاء الباحثين في أحاديث عديدة تابعها (كلمة) الإخباري، على "ضرورة تفعيل دور المؤسسات الرقابية، والمسؤولين الأمنيين؛ للحد من ظاهرة تفشي وانتشار المخدرات التي تؤدي إلى خراب تام؛ إذا ما تم السيطرة عليها نهائياً".

وتكشف تقارير عديدة أعدّتها وسائل إعلامية، عن "تنامي خطر انتشار المخدرات في العراق"، فيما تقصّت أخرى "عن وجود ضباط ومسؤولين مشتركين بهذه الجريمة، ويساعدون المروجين للمخدرات وتسهيل طريقة دخولها عبر المنافذ، ناهيك عن إدخال موادها الكيمائية لتصنيعها في مصانع محلية".

وكشفَ رئيس لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب العراقي، عدنان الجحيشي، عن وجود أربعة مصانع للمخدرات في العراق.

الجحيشي صرّح قبل شهرين قائلاً: إن "القوات الأمنية استطاعت إيجاد (4 مصانع) للمخدرات في العراق، ومداهمتها، والقبض على العاملين فيها ومن ثم مالكيها الأصليين".

وبيّن الجحيشي أن "هذا مؤشر خطير جداً على مستوى البلد، إلا أنه يجعلنا في الوقت نفسه نتفاءل بوجود متابعة عالية الصرامة حول هذا الملف من قبل الأجهزة الوطنية".

ولكن ذلك لا يعني عدم وجود المزيد من هذه المصانع، ولم تكتشف بعد، كما يقول الصحفي علاء الحمّامي.

ويضيف الحمامي في حديثه لـ (كلمة) بأنّ "تجارة المخدرات في العراق تحوّلت من التهريب والتوزيع، إلى التصنيع المحلي، بمجرد توفير مواده الكيميائية والطبيعية لصناعتها وترويجها عبر السماسرة والمتاجرين بين المراهقين والشباب في المقاهي الشعبية وحتى بين طلاب الجامعات".

ويؤشّر الحمامي خطراً أكبر يتمثل بانتشار المادة المخدّرة الخطيرة المعروفة بـ "الكرستال"، والتي صار تعاطيها "على نطاق واسع إلى الحدّ الذي تنتشر فيه بين العناصر الأمنية والشباب الذين يعانون من مشكلات اجتماعية أو اقتصادية أو أسرية" بحسب قوله.

ويلفت إلى أنّ "مادة الكريستال تعد من أخطر المواد المخدّرة على الصحة العقلية والنفسية، كما أن هناك أنواعاً تحرض المتعاطي لها على ارتكاب جرائم كالقتل والاغتصاب".

وفي وقت سابق من شهر آب الماضي، صرّح وزير الداخلية عبد الأمير الشمري للصحفيين: عن "ضبط مصنع للمخدرات في محافظة السليمانية، كان يصنع مخدّر (الكبتاغون)، إلى جانب ضبط مصنع قيد الإنشاء في محافظة المثنى".

ووفقاً للشمري، فقد شهد العام الجاري "إلقاء القبض على متاجرين بارزين بالمخدرات، مختبئين في دول الجوار، وتم بالتعاون والتنسيق مع تلك الدول الجوار إلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى العراق".

وفي إطار جهود وزارة الداخلية العراقية؛ للقضاء على ظاهرة المخدرات ومكافحة المتاجرين بهذه الآفة السامّة، أعلن الشمري، اليوم الثلاثاء، عن توقيع عقد مع وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، تهدف إلى مكافحة المخدرات والجريمة العابرة للحدود.

وقالَ الشمري وفقاً لبيان صادر عن مكتبه، ورد لـ (كلمة) الإخباري: إنّ "مذكرة التعاون الأمني هذه تهدف إلى تطوير الجهود فيما المشتركة فيما يخص مكافحة المخدرات والجريمة العابرة للحدود".

وتظهر جهود وزارتي الداخلية والدفاع في هذا الملف، من خلال محاربة المروّجين والمتاجرين للمخدرات والقبض عليهم.

وأعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات، يوم الثلاثاء، القبض على مطلوب شديد الخطورة في محافظة كربلاء.

بيان للمديرية ورد لـ (كلمة) ذكر أن "مديرية شؤون المخدِّرات تمكنت وبعملية نوعية من إلقاء القبض على أحد المطلوبين بتجارة المخدرات شديدي الخطورة على المجتمع وفق أحكام المادة (28 ) مخدرات بالجرم المشهود في كربلاء متلبساً بحيازة (1.5) كيلو غرام من مادة الكريستال المخدرة و (24) أمبولة وأدوات تعاطي اخرى وأسلحة نارية وعتاد مع (552) بطاقة ناخب وعجلة شخصية مع مبارز جرمية اخرى".

ولفت إلى "ضبط جميع تلك المبارز وفق الاصول واتخاذ الاجراءات القانونية كافة وفقاً للقرارات القضائية".

كما يستهدف طيران الجيش العراقي، المتاجرين بالمخدرات عبر المنافذ الحدودية والطرق النيسمية، وأعلن في وقت قريب عن قتل إرهابيين مشتركين بجرائم نقل وتوزيع المخدرات، في كل من الأنبار وكركوك ونينوى وغيرها.

من جهته، طرح عضو مجلس النواب برهان المعموري، اليوم الثلاثاء، ثلاثة مسارات مباشرة؛ لإنهاء خطر المخدرات في البلاد.

وقال المعموري في تصريح صحفي تابعه (كلمة) الإخباري: إن "المخدرات آفة خطيرة وهي تمثل تهديداً مباشراً للمجتمع العراقي؛ نظراً لما تسبّبه من مشاكل معقدّة، تنعكس على الأمن والاستقرار وارتفاع معدلات الجريمة".

وأكّد المعموري على "أهمية اعتماد خارطة طريق تبدأ من تشديد العقوبات بحق المتاجرين، وضمان علاج المدمنين، وزيادة وتيرة الوعي؛ من خلال رسائل مؤثرة للمجتمع للتعاون والسعي الى كشف من يروّج لهذه الآفة".

وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن مصادرة كميات قياسية من حبوب (الكبتاغون) المخدّرة بلغت (24 مليون قرص) تصل قيمتها إلى (144 مليون دولار)، حّذرت منظمة الأمم المتحدة من تحول البلاد إلى "محور مهم لتهريب المخدرات".

وذكرت المنظمة الأممية في تقرير لها: إن "ارتفاع عمليات نقل المخدرات عبر العراق والدول المجاورة، رافقه زيادة في الاستهلاك المحلي بجميع أنحاء البلاد".

أما على مستوى المعالجات التي قدّمها العراق والمؤسسات الدينية منها العتبة الحسينية في كربلاء، يأتي دور وزارة الصحة والمنظمات الإنسانية والثقافية؛ للتحذير من هذه الآفة الخطيرة، وكذلك معالجة المدمنين والمتعاطين للمخدرات.

وأعلنت مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة كربلاء، عن افتتاح مصلحة قسرية لمعاجلة المدمنين على المخدرات.

ووفقاً لمدير المخدرات علي جاسم مسير، فإنّ "المصحة هذه تعد الأولى من نوعها، وتهدف إلى تعزيز جهود الحكومة في معالجة هذه تعزيز جهودنا بالقضاء على المخدرات تماماً".

وأشار مسير إلى أن "العتبة الحسينية تكفّلت بالإنفاق على هذا المشروع؛ وتأهيله ليكون مركزاً لتأهيل المتعاطين مع وجود مصحّة قسرية لعلاجهم"، موضحاً أن "المركز يضم (100 سرير) من (300 – 400 ومكون من أربع قاعات تستوعب الواحدة منها (100 سرير)".

ومع هذه الجهود، يقول عدد من المراقبين: إنّ "انتعاش وانتشار مثل هذه التجارة الخطيرة والمدمّرة للإنسان، وجود حماية أمنية وسياسية تحصل على نسبتها من المبيعات التي تصل إلى آلاف الدولارات".

ولذا شدّدوا "على ضرورة أن تعمد الحكومة إلى اتخاذ خطوات أكثر قوّة وجرأة وتشريع قوانين بأسرع وقت، وعدم التهاون في هذا الملف الذي بات يهدّد الكثير من الشباب العراقيّ".

في حين يدعو مواطنون عراقيون إلى أن "يأخذ القضاء دوراً متكاملاً؛ لمعاقبة تجّار المخدرات في العراق؛ بإصدار أحكام تصل إلى الإعدام، حتى يكونوا عبرةً لمن تسوّل له نفسه بإدخال وتصنيع وترويج المخدرات في البلد".




التعليقات