الأربعاء 10 صفَر 1447هـ 6 أغسطس 2025
موقع كلمة الإخباري
الحروب تطورت.. إيران تعيد صياغة استراتيجيتها العسكرية عبر "مجلس الدفاع"
بغداد - كلمة الإخباري
2025 / 08 / 06
0

رأى مسؤول إيراني بارز أن تشكيل "مجلس الدفاع" الجديد في إيران يأتي كخطوة استراتيجية لإعادة تعريف العقيدة الدفاعية الإيرانية ومواكبة التطورات في طبيعة الحروب الحديثة.

وقال منوتشهر متكي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في تصريحات لوكالة تسنيم الدولية للأنباء، تابعها كلمة الإخباري إن المجلس الأعلى للأمن القومي شكل هذا المجلس للتأكيد مجدداً على الطبيعة الدفاعية للعقيدة العسكرية للجمهورية الإسلامية.

وأضاف: "إيران لم تكن أبدًا البادئة بأي حرب، لكنها أثبتت من خلال التجربة أنها تتصدى لأي عدوان بكل قوة وفعالية"، مشيرًا إلى أن الشعب الإيراني واجه في تجربتي عدوان واضحتين خلال نصف القرن الأخير، تمكّن فيهما أولًا من إسقاط نظام صدام، ثم وضع الكيان الصهيوني في موقع العجز والتراجع.

وأوضح متكي، الذي شغل سابقاً منصب وزير الخارجية، أن العقيدة الدفاعية الإيرانية لم تمنع يوماً إعلان "المواقف الصريحة والشجاعة والعادلة" ضد ما وصفها بالسياسات الاستعمارية لبعض الأنظمة، مثل نظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا، و"الكيان الصهيوني الغاصب الذي يمرّ بمرحلة انهيار".

وأشار إلى أن دافعاً آخر لتشكيل مجلس الدفاع هو ضرورة تحديث السياسات الدفاعية الوطنية في ضوء تغير طبيعة الحروب. وقال: "الحرب المفروضة التي دامت 8 سنوات بين العراق وإيران كانت حربًا تقليدية في بُعديها الهجومي والدفاعي، وكان حسمها يتم بناءً على القوة البشرية والتجهيزات وقدرات القيادة، باستثناء السنتين الأخيرتين حين بدأ العراق الاستفادة من المعلومات الفضائية الأمريكية."

وتابع متكي: "لكن اليوم، تغيّرت طبيعة الحروب، وحلّ مفهوم الحرب المركّبة محلّ النزاعات التقليدية؛ إذ تلعب الطائرات المسيّرة والطائرات صغيرة الحجم دورًا حاسمًا في الميدان، بل إن الذكاء الاصطناعي بات قادرًا على تنفيذ عمليات إطلاق النار دون الحاجة إلى عنصر بشري."

وأضاف أن الحروب المركبة تبدأ غالبًا باستهداف القدرات الدفاعية للدولة بشكل ممنهج، مثل قواعد إطلاق الصواريخ، والملاجئ، وأنظمة الدفاع الجوي. كما أن عناصر أخرى مثل الدفاع المدني، الهجمات السيبرانية، صناعة الرواية الإعلامية حول مجريات الحرب، واستخدام عنصر المفاجأة، أصبحت تلعب دورًا كبيرًا في تحديد معادلات الميدان.

وختم متكي بالقول: "في ظل هذه التطورات، أصبح من الضروري إعادة تقييم السياسات الدفاعية وتحسينها، ويمكن اعتبار تشكيل مجلس الدفاع خطوة استراتيجية واستشرافية تصبّ في هذا الاتجاه."

تحليل: رسالة أم إعادة تموضع؟

المسؤول الإيراني لا يتحدث هنا عن تشكيل لجنة روتينية، بل يقدم رؤية استراتيجية لتطوير العقيدة الدفاعية الإيرانية. 

النقطة الأهم هي الإشارة لـ"الحرب المركبة". إيران تدرك أن الحروب لم تعد مجرد دبابات وطائرات، بل أصبحت معارك متعددة الجبهات: سيبرانية، إعلامية، مسيّرات، ذكاء اصطناعي.

المثير في الخطاب هو الجمع بين "الطبيعة الدفاعية" والمواقف "الصريحة" - رسالة مفادها أن إيران لن تبدأ الحروب لكنها لن تتردد في الرد بقوة. نوع من الردع النفسي.

الإشارة للذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية تكشف أن إيران تراقب عن كثب التطورات التكنولوجية العسكرية وتحاول مواكبتها. هذا استثمار في المستقبل، ليس مجرد رد فعل على الحاضر.

في النهاية، "مجلس الدفاع" هذا قد يكون جسر إيران للانتقال من عقيدة "الوكلاء الإقليميين" إلى عقيدة "الدفاع المباشر المتطور". تحول استراتيجي مهم في زمن صعب.

المحرر: حسين الخشيمي



التعليقات